
75 ثانية فقط:
رواية حداثية استخدمت الأخبار الصحفية تارة، والتداعي الحر تارات، كما أن اللغة كانت شعرية محملة بأبعاد روحية وفلسفية، وبالكثير من الإبداع في صناعة صور فنية سباقة وفي تشظي الحدث والحبكة، وفي النهاية الصادمة.
ترصد الرواية أحداث الزلزال الذي حل بجنوب تركيا في فبراير العام 2023 من خلال أسرة مكونة من والدين وأطفالهما الثلاثة حيث يتناوب الجميع على تولي مهمة السرد لوصف (75 ثانية فقط) تلك التي استمرها الزلزال فيصفون دواخلهم وما حولهم حركةً حركة ونأمة نأمة.
أما الفصل الثاني فيسرد أحداث ما بعد الزلزال حيث تنتقل الأسرة إلى ملجأ، فنعايش مجتمعاً خالياً من القوانين والضوابط والسلطة فيغدو الملجأ/المجتمع الجديد كغابة، لكن ثمة من يحاول عدم الانجرار إلى مزالق النفس؛ لذا فإن الأب يقرر أن يعود إلى المنزل على الرغم من اعتراض أسرته ومنع السلطات الوصول إلى البنايات التي بدأت تتهاوى..
وحين يهم بالعودة ظافراً بعلبة الدواء لابنته المريضة، وبعض الطعام، ولعبة ابنته الكبرى، يبدأ البناء بالتهاوي إثر هزة ارتدادية، لكنه ينجو فيعود إلى الملجأ إلا أنه يجد أن الملجأ نفسه قد هوى إثر تلك الهزة، فيبدأ رحلة البحث عن عائلته. يبحث بين وجوه الناجين تارة، وبين الركام تارة أخرى، ولما يعجز عن إيجادهم يطوف على المشافي لعل سيارة إسعاف قد نقلتهم، ولما ييأس من إيجادهم أحياء يبحث في برادات الموتى حيث يتعرف إلى موتى يروون له حكاياتهم، وأخيراً وقبل أن يجدهم أو ييأس من إيجادهم يكتشف أنه هو الميت لا هم، وأن الذي كان يبحث هو روحه لا جسده.. روحه التي فارقت الجسد قبل أن يتمكن من مغادرة المبنى حين هاجمته هزة ارتدادية.